انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون – الفقيه البصري – اغتيال الجنرال أوفقير – زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان … عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب… رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح..

كيف كان التعذيب ؟

تميزت فترة الاعتقال بدرب مولاي الشريف بعذاب وحشي من أجل الاعتراف بـ « مكان اختباء الأسلحة «. كان المشرف المباشر على التعذيب هو الكوميسير قدور اليوسفي. أول شيء مورس علي في البدء هو الكهرباء في جميع مناطق الجسد، مروا بعد ذلك إلى الضرب والفلقة والتعلاق والطيارة وقطع النفس بالشيفون ومواد كريهة . وحين يشتد بي التعذيب، الذي يصل حد الاختناق والشعور باقتراب الموت، أقول لهم « سأخبركم بمكان السلاح «، وأشرع في استرجاع التنفس من جديد محاولا التمويه لكي يتوقفوا عن التعذيب الذي كان قاسيا جدا. كان السؤال الذي يطرح علي يخص السلاح فقط: « أين هو؟ «. استغرق التعذيب مدة شهرين ونصف الشهر تقريبا بشكل متقطع، كان يمتد بعض المرات إلى ثلاثة أيام .

هل كان التعذيب نفسه يشمل جميع المعتقلين ؟

في إطار التحقيق مع كافة المعتقلين، بلغني في ما بعد، عندما جاء دور أخينا
محمد اليازغي، وكان أثر الطرد الملغوم لايزال على جسده ويده تحمل الجبيرة، قال له الكوميسير اليوسفي « أنت لا تحتاج إلى تعذيب، بل إلى كشف الأوراق Carte sur table «.
فرد عليه الأخ محمد اليازغي بكلمة ذات مغزى وبحمولة غاضبة ، « ها هي أوراقي « ومد يده المصابة فوق الطاولة وأجاب «من الذي أرسل لي هذا الطرد الملغوم ليقتلني، أما التفاصيل الأخرى فلا تهمني…» .
خلال استنطاق باقي المعتقلين كانوا يرهبونهم بما كان تعرض له عمر بنجلون، كالرمي في البحر، لكي يعترفوا بالتهم الموجهة إليهم .
بعد الفترة التي استغرقها التعذيب الوحشي داخل كوميسارية درب مولاي الشريف ، شرعوا في فرز عدد المعتقلين الذين أحيلوا على المحكمة العسكرية بالقنيطرة ( محاكمة غشت )، وصل العدد إلى 159 وعبد الرحيم بوعبيد كشاهد ليصل العدد ككل إلى 160. كان جزء كبير من المعتقلين يتشكل من قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية يتقدمهم اليازغي، بنجلون، كرم، الحلوي، القرشاوي، الدكتورعمرالخطابي ابن امحمد الخطابي شقيق القائد التاريخي للشعب المغربي البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي …
تم إيداع المعتقلين السجن المركزي بالقنيطرة. بإحالتنا على المحاكمة، خففت المعاناة حيث تمت إزالة « البانضة » والقيود وبدأنا نلتقي بعضنا البعض. وبعد الخروج بغرض الذهاب إلى المحكمة العسكرية، كانت تضرب علينا حراسة مشددة تتكفل بها طائرة هليكوبتر تصحبنا حتى المحكمة .

كيف كانت المحاكمة ؟

كانت محاكمة عالمية تتبعها العديد من المحامين الدوليين للتضامن معنا ومؤازرتنا ( من تونس، الجزائر، فرنسا مثلا )، المحامي امحمد بوستة، الأمين العام لحزب الاستقلال سابقا، ومحمد الناصري وعبد العزيز الخالدي رحمه الله والأستاذ الزعري وعبد الرحمان بنعمرو من هيئة الرباط وغيرهم . تفرق الدفاع من أجل الإنابة عن مجموعة من المعتقلين، كما تتبعت محاكمتنا القنوات الإعلامية والصحافة الدولية.